|[من يطوّر التعليم]|
صفحة 1 من اصل 1
|[من يطوّر التعليم]|
n][من يطوّر التعليم]|..
size]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تقابلهم فيبادرون بالسؤال عن أحوال التعليم، وهو سؤال لا يمثل إلا مقدمة لسيل من الانتقادات والأطروحات والاقتراحات التي تصب في إطار ضرورة تطوير التعليم، والزعم بقصور الجهات "المسؤولة" عنه في تحقيق هذا الهاجس.
وتظل تتلقى اللوم، وربما الشتيمة أحياناً، لمجرد أنك تنتسب وظيفياً للتعليم، ويتكرر المشهد ويدور الزمن، وتبقى أطروحة تطوير التعليم حديث المجالس، وفسحة للتنزه الفكري، واستعراض امتلاك ناصية المعرفة والحكمة والرأي السديد، إلى درجة أن البعض صدق نفسه، واتخذ التوجيه منحى السخرية من ضحالة معرفة هؤلاء المسؤولين، أو عدم قدرتهم على شيء متاح وسهل ومتيسر، ونتيجة لاستباحة مجال التعليم دون غيره من المجالات وجلده يومياً وعبر كل الوسائل بمطرقة النقد، وتشخيص القصور وتضخيم الأخطار، انحدر بعض من يعمل في مجال التعليم في منزلق الدفاع عن النفس. وحين يكون الإنسان مطالباًُ كل يوم بالدفاع عن نفسه، فإن قواه ستنهار يوماً لا محالة، وهمته ستصاب بالوهن لا ريب، وشجاعته ستنقلب جبناً وخوراً، وهذه حال يجب ألا تكون لمن يعمل في مجال التعليم على وجه الخصوص.
إن المناداة بتطوير التعليم والسماح للنفس بإصدار الفتوى في هذا الشأن، تستلزم أولاً معرفة ماهية التعليم وعناصره، والعوامل المؤثرة فيه، وقبل ذلك معرفة كنه النفس البشرية وما يعتريها من تقلبات، إذ إن التعليم مجال إنساني يختص بالإنسان الكائن الذي لا نعرف عنه إلا القليل ..
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، الآية 16 من سورة ق
ومن هنا كان التعليم من أصعب مجالات العمل في كل زمان ومكان، يدل على ذلك ظاهرة عدم الرضا عن التعليم الشائعة في كل الأماكن والأزمنة، فإذا كنا هنا نرنو إلى انتشال التعليم وتطويره ليكون كما هو في البلدان الأخرى كاليابان وألمانيا وأمريكا، فإن اليابانيين والألمان والأمريكان أيضا يرنون إلى الشيء ذاته، ويتطلعون إلى إصلاح تعليمهم كما نتطلع نحن .
ولا يعني هذا إلا أن التعليم يجب أن يكون قضية الأمة، كل أمة، إذا ما أرادت لنفسها المنافسة وكرامة البقاء، وهذه إشارة واضحة بطبيعة الحال إلى أن مسألة تطوير التعليم مهمة أعمق وأوسع من أن تقتصر على مدرسة أو جماعة، أو إدارة، أو وزارة، لأن في ذلك ضياعاً للوقت، وهدراً للجهود، حينما لا ينظر إلى التعليم نظرة الشمول التي تجعل الأب والأم والابن والابنة مسؤولين وشركاء في التطوير والبحث عن الأفضل، وحينما لا يكون التاجر والموظف مسؤولين ومساهمين في الإصلاح، وحينما لا يكون القاضي والإمام والداعية معنيين بمسألة التعليم، وقبل ذلك كله حينما لا ينضوي التعليم تحت مسؤولية المسؤول أي مسؤول.
إن تخصيص جهات مسؤولة عن التعليم ما هو إلا مطلب إداري تقتضيه مهمة الإشراف على التعليم، بما تشتمل عليه من إجراءات وشؤون وشجون، إلا أن تطوير التعليم مهمة أخرى أوسع نطاقاً، وأبعد مدى، وأكبر من أن تتناولها جهة واحدة، وهذا ما يدعو كل بلدان العالم إلى إنشاء كيان إداري أعلى سلطة من وزارات التعليم، يكون في إمكانه إيجاد التناغم المطلوب في المجتمع بقطاعاته المختلفة، وبالتالي إنشاء البيئة المثلى لزرع بذور التطوير، ومد جسور وقنوات الاتصال، ورعاية منتديات النقاش، وجمع شتات الرأي، والتوفيق بين الأفكار المتصادمة والآراء المتناقضة، التي تواجهها بالضرورة خطط تطوير التعليم، ومن ثم إصدار التشريعات الملزمة للجهات المسؤولة عن التعليم أولاً، ولكل فعاليات المجتمع ثانياً.
ولم يغب هذا الأمر عن بال حكام هذه البلاد منذ قيامها، فكان أن وجد مثل هذا الكيان التشريعي الهام الذي اعتنق في كل مراحله، وعلى اختلاف مسمياته، مهمة التخطيط للتعليم وتطويره.
وهنا لابد من وقفة للفت الانتباه إلى أن النداء لتطوير التعليم أمر حيوي يفرضه الضمير والواجب، غير أن مقارعة هذا الشأن تتطلب عمقاً في الطرح، ومعرفة بحدود المسؤوليات، واعترافاً بترابط وتداخل عوامل التأثير في مسيرة التعليم، وأداء مؤسساته.
بقلمـ
د. علي بن عبد الخالق القرني
size]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تقابلهم فيبادرون بالسؤال عن أحوال التعليم، وهو سؤال لا يمثل إلا مقدمة لسيل من الانتقادات والأطروحات والاقتراحات التي تصب في إطار ضرورة تطوير التعليم، والزعم بقصور الجهات "المسؤولة" عنه في تحقيق هذا الهاجس.
وتظل تتلقى اللوم، وربما الشتيمة أحياناً، لمجرد أنك تنتسب وظيفياً للتعليم، ويتكرر المشهد ويدور الزمن، وتبقى أطروحة تطوير التعليم حديث المجالس، وفسحة للتنزه الفكري، واستعراض امتلاك ناصية المعرفة والحكمة والرأي السديد، إلى درجة أن البعض صدق نفسه، واتخذ التوجيه منحى السخرية من ضحالة معرفة هؤلاء المسؤولين، أو عدم قدرتهم على شيء متاح وسهل ومتيسر، ونتيجة لاستباحة مجال التعليم دون غيره من المجالات وجلده يومياً وعبر كل الوسائل بمطرقة النقد، وتشخيص القصور وتضخيم الأخطار، انحدر بعض من يعمل في مجال التعليم في منزلق الدفاع عن النفس. وحين يكون الإنسان مطالباًُ كل يوم بالدفاع عن نفسه، فإن قواه ستنهار يوماً لا محالة، وهمته ستصاب بالوهن لا ريب، وشجاعته ستنقلب جبناً وخوراً، وهذه حال يجب ألا تكون لمن يعمل في مجال التعليم على وجه الخصوص.
إن المناداة بتطوير التعليم والسماح للنفس بإصدار الفتوى في هذا الشأن، تستلزم أولاً معرفة ماهية التعليم وعناصره، والعوامل المؤثرة فيه، وقبل ذلك معرفة كنه النفس البشرية وما يعتريها من تقلبات، إذ إن التعليم مجال إنساني يختص بالإنسان الكائن الذي لا نعرف عنه إلا القليل ..
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، الآية 16 من سورة ق
ومن هنا كان التعليم من أصعب مجالات العمل في كل زمان ومكان، يدل على ذلك ظاهرة عدم الرضا عن التعليم الشائعة في كل الأماكن والأزمنة، فإذا كنا هنا نرنو إلى انتشال التعليم وتطويره ليكون كما هو في البلدان الأخرى كاليابان وألمانيا وأمريكا، فإن اليابانيين والألمان والأمريكان أيضا يرنون إلى الشيء ذاته، ويتطلعون إلى إصلاح تعليمهم كما نتطلع نحن .
ولا يعني هذا إلا أن التعليم يجب أن يكون قضية الأمة، كل أمة، إذا ما أرادت لنفسها المنافسة وكرامة البقاء، وهذه إشارة واضحة بطبيعة الحال إلى أن مسألة تطوير التعليم مهمة أعمق وأوسع من أن تقتصر على مدرسة أو جماعة، أو إدارة، أو وزارة، لأن في ذلك ضياعاً للوقت، وهدراً للجهود، حينما لا ينظر إلى التعليم نظرة الشمول التي تجعل الأب والأم والابن والابنة مسؤولين وشركاء في التطوير والبحث عن الأفضل، وحينما لا يكون التاجر والموظف مسؤولين ومساهمين في الإصلاح، وحينما لا يكون القاضي والإمام والداعية معنيين بمسألة التعليم، وقبل ذلك كله حينما لا ينضوي التعليم تحت مسؤولية المسؤول أي مسؤول.
إن تخصيص جهات مسؤولة عن التعليم ما هو إلا مطلب إداري تقتضيه مهمة الإشراف على التعليم، بما تشتمل عليه من إجراءات وشؤون وشجون، إلا أن تطوير التعليم مهمة أخرى أوسع نطاقاً، وأبعد مدى، وأكبر من أن تتناولها جهة واحدة، وهذا ما يدعو كل بلدان العالم إلى إنشاء كيان إداري أعلى سلطة من وزارات التعليم، يكون في إمكانه إيجاد التناغم المطلوب في المجتمع بقطاعاته المختلفة، وبالتالي إنشاء البيئة المثلى لزرع بذور التطوير، ومد جسور وقنوات الاتصال، ورعاية منتديات النقاش، وجمع شتات الرأي، والتوفيق بين الأفكار المتصادمة والآراء المتناقضة، التي تواجهها بالضرورة خطط تطوير التعليم، ومن ثم إصدار التشريعات الملزمة للجهات المسؤولة عن التعليم أولاً، ولكل فعاليات المجتمع ثانياً.
ولم يغب هذا الأمر عن بال حكام هذه البلاد منذ قيامها، فكان أن وجد مثل هذا الكيان التشريعي الهام الذي اعتنق في كل مراحله، وعلى اختلاف مسمياته، مهمة التخطيط للتعليم وتطويره.
وهنا لابد من وقفة للفت الانتباه إلى أن النداء لتطوير التعليم أمر حيوي يفرضه الضمير والواجب، غير أن مقارعة هذا الشأن تتطلب عمقاً في الطرح، ومعرفة بحدود المسؤوليات، واعترافاً بترابط وتداخل عوامل التأثير في مسيرة التعليم، وأداء مؤسساته.
بقلمـ
د. علي بن عبد الخالق القرني
مواضيع مماثلة
» ثقافة الجودة الشاملة في التعليم
» آراء الطالبات لتطوير التعليم والتعلم ..
» آراء اولياء لامور لتطوير عملية التعليم والتعلم
» آراء الطالبات لتطوير التعليم والتعلم ..
» آراء اولياء لامور لتطوير عملية التعليم والتعلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى